على كل حالّ هذه لمحة عن الغلّو في الماضي و في الأمم التي تحيط بهذه الأمّة , اليهود غلوا في عزير و قالوا إنّه ابن الله و أصيبوا بداء الجفاء فقتلوا الأنبياء وقتلوا الذين يأمرون الناّس بالقسط و هذا من الجفاء و كذّبوا عيسى عليه السلام و كذّبوا محمدا r وما جاء به , و هم يعرفون أنّه رسول الله حقّا عليه الصلاة و السلام , يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , ومع ذلك دعاهم الجفاء و الغلوّ في آن واحد إلى تكذيب الرسول و محاربته و جحود الحقّ الذي يعلمونه قال تعالى عنهم )يعرفونه كما يعرفون أبناءهم( .
و النصارى كذلك غلوا في عيسى و عبدوه وقالوا إنّه ابن الله و ثالث ثلاثة و قالوا فيه هو الله , و بيّن الله تبارك و تعالى أنّ عيسى عبد من عباد الله و أنّه رسول و أمّه صدّيقة كانا يأكلان الطعام , بيّنه الإسلام غاية البيان , و العقول تدرك هذا و تدرك ما وقع فيه النصارى من السّخف و الضلال , و لهذا سمّاهم الله تبارك تعالى الضّالين , وعلّمنا الاستعاذة من هذه الصفة , صفة الضلال في كلّ صلاة نصليها ) اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضاّلين( المغضوب عليهم هم اليهود لأنّهم يعلمون الحقّ و يجحدونه ويعاندون فيه ( والضّالين ) النّصارى . و الدّافع لهذا الضلال هو الغلوّ الموجب لغضب الله تعالى و لعناته هو الغلوّ و الجفاء فالغلوّ والجفاء من الصفات الذميمة , و الاعتدال هو الصفة المحمودة عند الله عزّ و جلّ وهو من صفات هذه الشّريعة التي جاء بها محمد r , و لقد حصل هذا الغلوّ في هذه الأمّة رغم أنّ القرآن حذّر من ذلك و السنّة حذّر فيها رسول الله r من الغلوّ , قال الله تعالى : ) يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلاّ الحقّ ( و هذا نداء لأهل الكتاب وهو يتناول المسلمين , فإذا كان ينهى أهل الكتاب عن الغلوّ فهذه الأمّة من باب أولى ) ولا تقولوا على الله إلاّ الحقّ ( لأنّ الغلوّ ضدّ الحقّ و المؤمن المعتدل يقول الحقّ فلا يغلوا ولا يجفو .
وقال r : ( إيّاكم و الغلوّ فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ ) فحذّر الرّسول r من الغلو أشدّ التّحذير , حتّى إنّه في حجّة الوداع في رجوعه من عرفات إلى مزدلفة طلب من الفضل أن يناوله حصيات ليرمي بها الجمرة فالتُقِطت له الحصيات فرفع واحدة منها و قال : ( بمثل هذه فارموا و إيّاكم و الغلوّ فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ ) حتّى الحصاة هذه لابدّ أن تعتدل فيها وتتبع فيها محمدا r فلا تتقدّم بين يديه في شيء فتزيد أو تنقص , النقص جفاء والزيادة غلوّ .
القرآن يربّي على الاعتدال و السنة كذلك و سيرة الرسول rتربّي على ذلك وكذا سيرة السلف الصالح , و لكنّه دبّ إلى الفرق الضّالة داء الأمم الهالكة ووقع في مراتع الغلوّ , أناس مفرّطون و أناس مُفْرِطون .
و المنهج السّلفي من بين المناهج الموجودة هو المنهج الوسط المعتدل لمن فقهه حقّ الفقه , لا للأدعياء , فمن فقه هذا المنهج من كتاب الله و سنّة رسوله r ومن سيرته ومن سيرة السّلف الصالح يعرف أنّ المنهج السلفي هو دين الله الحقّ القائم على الاعتدال و القائم على الصراط المستقيم و القائد إلى الحقّ في عقيدته و منهجه و تربيته و دعوته , بينما تجد في المناهج الأخرى التّأرجح بين الإفراط و التّفريط , المنهج السّلفي وسط في هذه الفرق كوسطية الإسلام بين الأديان و الملل السّابقة .
فأهل السنّة و الجماعة في عقيدتهم وسط في عدد من المناهج , فهم وسط بين الجهميّة المعطلة و المشبهة المنحرفة , المعطلة غلوا في التّنزيه فأدّاهم هذا الغلو ّإلى تعطيل صفات الله عزّ وجلّ , و المشبّهة غلوا في الإثبات فأدّاهم هذا الغلو إلى أن يشبهوا الله تعالى بخلقه في أسمائه وصفاته فتعالى الله عماّ يقول الظاّلمون علوّا كبيرا .
و توسط أهل السنة و الجماعة في هذا الباب بين المعطلة و المشبهة فأثبتوا صفات الله تعالى , صفات جلاله و نعوت كماله , أثبتوها من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف و لا تعطيل , تو سّطوا بين الطّائفتين المنحرفتين , إثبات بلا تعطيل , ننـزه الله تعالى عن المشابهة و ننزهه تبارك وتعالى عن التّعطيل فلا نشابه المعطلة فنغلوا في التنزيه حتّى يُخرِج هذا الغلوّ من وقع فيه إلى التّعطيل , و لا نشارك المشبهة في الغلوّ في الإثبات حتّى لا يخرجنا ذلك إلى التّشبيه .
وهم وسط في باب الأفعال بين الجبرية و القدريّة , الجبريّة ترى أنّ العباد مسلوبيّ الإرادة و القدرة و حركاتهم اضطراريّة كحركة أوراق الشجر تحركها الرّياح , و كحركة الجمادات المسخّرة لا اختيار لهم و لا قدرة ولا إرادة - و العياذ بالله - .
و القدريّة يرون أنّ العبد مستقّل بمشيئته و إرادته يفعل ما يشاء و لا ارتباط بين إرادته و فعله و مشيئته و بين مشيئة الله و إرادته و تقديره للأشياء , و هدى الله أهل السنّة فتوسّطوا بين هاتين الطّائفتين , أثبتوا للعبد أفعالا و قدرة وإرادة و اختيارا لكنّها تابعة لمشيئة الله تبارك و تعالى , فالعبد عنده عقل وكلّفه الله تبارك وتعالى لوجود هذا العقل و منحه القدرة و الاختيار , و أعطاه التّمييز بين الحقّ و الضلال و الحقّ و الباطل و أعطاه قدرة و اختيارا و إرادة و كلّ ذلك مربوط بمشيئة الله تعالى , و العبد فعّال , هو المصلّي , هو المزكّي , هو الصّائم , و هو الزّاني , و هو السّارق , وهو...الخ .
هذه أفعاله فعلها باختياره و إرادته و قدرته ومع ذلك هي مربوطة بمشيئة الله عزّ وجلّ فالله خالق للعبد وأفعاله والعبد فاعل فعلاً حقيقياً ينسب إليه , أتاه بقدرته و إرادته و اختياره و ليس مجبورا على ذلك كما تقول الجبريّة - بارك الله فيكم - .
وهم وسط في باب الوعد و الوعيد بين المرجئة و بين الخوارج و المعتزلة , فالخوارج و المعتزلة يتعلقون بنصوص الوعيد , و المرجئة يتعلّقون بنصوص الوعد , و أهل السنّة وسط بين الطّائفتين , يؤمنون بنصوص الوعيد وأنّها تلحق بمشيئة الله العصاة , فالزّاني و السّارق و القاتل معرّض للوعيد , و عند المرجئة تعلّقٌ بنصوص الوعد و إهمال لنصوص الوعيد فأهل الذنوب عندهم مؤمنون كاملوا الإيمان , لا تُنقِص المعاصي من إيمانهم شيئا و غلاتهم يرون أنّه لا يضرّ مع الإيمان ذنب , فإذا لقي الله موحِّداً غير مشرك فلا عقوبة عليه و لا تنطبق عليه نصوص الوعيد وهو مؤمن كامل الإيمان و لو كان من أفجر النّاس و أفسقهم إيمانه مثل إيمان جبريل و محمد عليهما الصلاة و السلام , اشتطّوا و غلوا في التّعلق بنصوص الوعد و اشتطّ الخوارج في التعلق بنصوص الوعيد , فكفّروا العصاة و حكموا عليهم بالخلود في النّار , و غلاة المرجئة قالوا بنجاة الموحدّين و لا عقاب عليه و لا عذاب و هم مؤمنون كاملوا الإيمان .
و أهل السنّة توسّطوا فقالوا : إنّ الذنوب لا تخرج بأصحابها من الإيمان إلى الكفر كما يقول الخوارج وكما يقول المعتزلة يخرج من دائرة الإيمان إلى منزلة بين المنزلتين ثمّ يلتقي الخوارج و المعتزلة في الحكم على المصرّين على الكبائر , الذين ماتوا مصرّين على الكبائر أنّهم خالدون مخلّدون في النّار .
و قال أهل السنّة : إنّ هؤلاء الذين ماتوا وهم مصرين على المعاصي هم فسّاق و ناقصوا الإيمان , نقول مؤمن ناقص الإيمان و نقول مؤمن فاسق , ولا نقول كافر و نقول إنّه معرّض للعقوبة إن لم تتداركه رحمة الله عزّ و جلّ لأنّ من مات وهو غير مشرك فهو تحت مشيئة الله ) إنّ الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( إلى نصوص أخرى و أحاديث تبيّن أنّ العصاة يخرجون من النّار , يعذّبون , يعذّب الله من شاء منهم ثمّ يخرجهم الله بشفاعة الشفعاء , شفاعة محمد صلى الله عليه و سلم و شفاعة غيره من الأنبياء و المرسلين و شفاعة الملائكة و شفاعة المؤمنين , ثمّ يبقى منهم من يخرجه الله تبارك وتعالى بفضل رحمته عزّ و جلّ .
من الغلوّ الذي ابتلي به المسلمون غلوّ الخوارج , الذي بدأ من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأبه ذو الخويصرة الذي انطلق - و الله أعلم - من فكرة المساواة التي يدندن بها الديمقراطيّون , الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين قسّم الغنائم و فضّل بعض الزعماء لمصلحة عظيمة , فضّلهم في العطاء , أعطى لهذا مائة من الإبل و أعطى لهذا مائة من الإبل و... و.... ولم يعط الآخرين مثلهم لمصلحة الإسلام , لأنّه لمّا يعطي هذا الزعيم يطمئن إلى الإسلام فيؤمن و يستقر على الإسلام فتتبعه عشيرته و قبيلته , الرّسول بعيد النّظر , و هو أعدل النّاس - عليه الصلاة و السلام - .
قسّم هذه القسمة و فضّل فيها فقال ذو الخويصرة : و الله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله أو ما عُدل فيها , فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- و قال : ( من يعدل إذا لم أعدل , خبت و خسرت إن لم أعدل ) و استأذنه عمر في قتله , فقال : ( لا إنّه يصلّي ) ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم و قراءتكم إلى قراءتهم و صيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرمية ) .
غلوّهم في الدّين و غلوّهم في طلب المساواة أوقعهم في هذا الهلاك الذي أهلكوا به أنفسهم وأهلكوا به الأمّة و خرج من ضئضئه قوم كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام , و قاتلوا عليّا و الصحابة , لا حكم إلاّ لله , غلوا في الحاكمية و جهلوا معنى الحاكمية و خرجوا على عليّ رضي الله عنه , و أرسل عبد الله بن عباس يناظرهم فناظرهم , فرجع منهم الكثير و الباقون ثبتوا على غلوّهم في الدّين و في الحاكمية التي جهلوها فسفكوا الدّماء فاضطرّ عليّ إلى قتالهم فاستأصل شأفتهم و بقي منهم من بقي و توارثوا هذا الغلوّ إلى يومنا هذا , غلوٌّ في السياسة , غلوٌّ في الحاكمية و إهمالٌ للعقيدة و إهمال للمنهج و إهمال لجوانب عظيمة , فانتبهوا لهذا .
ومن آثار و بقايا هؤلاء الغلاة ما يعيشه المسلمون الآن من خراب و دمار في مشارق الأرض و مغاربها , و منابع هذا الغلوّ في التّكفير و التدمير و التّفجير , من أهمّ منابعه التي يغالط أتباعه فيها هذه الأمّة و يبحثون عن أسباب بعيدة كلّ البعد عن منابع الفساد الحقيقية و هي التراث القطبي الذي ورّثه السيّد قطب في كتابه الظلال المشحون بالتّكفير تكفير الأمّة , و المشحون بضلالات خطيرة جدّا كالحلول و وحدة الوجود و تعطيل الصفات و ما شاكل ذلك , و في كتابه * المعالم * المشحون بالتّكفير و شحن الشباب , هذا الغلوّ أهلك الأمّة في الجزائر و في أفغانستان و في البلاد العربيّة و الإسلاميّة و تعاني الأمّة الآن منهم من الهلاك ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ و جلّ , فعلى الأمّة أن تعرف هذه المنابع لهذا الدّاء العضال , ألا و هي كتب سيّد قطب و الكتب التي تفرّعت عنها مثل كتب صلاح الصّاوي و كتب أبو بصير و حركات أبي حمزة و أسامة بن لادن و أمثالهم , هؤلاء المخربون الخوارج إنّما تربّوا على كتب سيّد قطب و لا تنسوا أيمن الظواهري و جماعة الجهاد والتكفير , هؤلاء أوقعهم في هذا البلاء كتب سيّد قطب المشحونة بالغلوّ في التّكفير , فهو يكفر حتى بالجزئية , لو أطاع إنسان غيره في جزئية فقد ارتّد عن الإسلام , وهذا و الله أشدّ من تكفير الخوارج الأوّلين , و يتربون على هذه الكتب و صاحبها إمام مقدّس و لو طعن في الأنبياء و لو طعن في الصحابة الكرام و لو دمّر أصول الإسلام و عقائده , حلول ووحدة وجود , تعطيل الصفات , هذه لا تضر و لا تنال من قداسة هذا الرجل شيئا و لا تحطّ من كرامة هذه الكتب مع الأسف الشديد , مالذي جعل كثيراً من النّاس ينزلون سيّد قطب هذه المنزلة و هو في حضيض الضلال و ينزلون كتبه هذه المنزلة و هي من كتب الضلال و الدمار , مالذي جعل كثيرا من شباب الأمّة , يعني يقعون في هذه المهالك و يوقعون فيها الأمّة ؟ ما منشأ ذلك إلاّ الغلوّ المناهض لمنهج محمد صلى الله عليه و سلم و شريعته , المناهض لعقائد القرآن و أحكامه و عقائد السنّة و أحكامها و عقائد الصحابة و السلف الصالح , ومع الأسف الشديد هذا الصنف من النّاس يرى نفسه أنّه هو المسلم و لهذا ترى في مواقعهم أنا المسلم و تسمع من كلماتهم : إلى الجحيم خالدا فيها مخلدا يا ابن عثيميين, و ترى فيها التّكفير و ترى فيها الطعن للمعتدلين الثابتين على منهج الإسلام , منهج الرّسول صلى الله عليه وسلم و منهج القرآن الكريم , فعلى شباب الأمّة في مشارق الأرض و مغاربها أن يتّجه إلى كتاب الله و سنّة نبيّه r اللذان تربّى عليهما خير أمّة أخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يؤمنون بالله و أسعدَ الله بهم أمما فأنقذ الله بهم و بما جاءوا به أمما من الضلال و الكفر و الشّرك و أنقذهم الله بهذه الرّسالة أمما و شعوبا من النّار , و قد كانوا على شفا حفرة من النّار فأنقذهم منها تبارك و تعالى بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم و بما نشره صحابته الكرام من تعاليم و عقائد و أخلاق منبثقة من كتاب الله و سنّة رسوله - صلى الله عليه و سلم - فتبوءوا القمم العالية من العزّة و الكرامة , لأنّهم أمّة وسط و لأنّهم خير أمّة أخرجت للنّاس , و ترى ما يلحق النّاس من الغلوّ إلاّ الهلاك و الدّمار فهذه النّوعيات الغالية لا يزيدون الأمّة إلاّ هلاكا و دمارا و خزيا و عارا .
منذ نشأ الإخوان المسلمون و هم يقولون جهاد , جهاد , الدولة الإسلامية , الخلافة الإسلامية , و المسلمون في انحطاط على أيديهم و في تقهقر إلى الوراء و الوراء على أيديهم , مع الأسف الشّديد و هم يزعمون أنّهم دعاة الإسلام و المجاهدون باسم الإسلام ومع الأسف الشّديد لا يزيدون الأمّة إلاّ هلاكا , و يقدمون شباب الأمّة هدايا على أطباق من الذهب كما يقال للأمريكان و للرّوس يذبحونهم كما يذبحون الفراريج و الدّجاج , يقدّمونهم هكذا لا عدّة من عقيدة و لا عدّة من مادّة و سلاح .
الله تبارك و تعالى شرع الجهاد في هذه الأمّة إذا كانت أمّة حقّا مؤهلة للجهاد بعقيدتها و برجالها و بأخلاقها و بعدّتها المادية و العسكرية فهؤلاء لا عقيدة صحيحة و لا منهج صحيح و لا عدّة مادية , الجهاد , الجهاد , أهلكوا الأمّة و هم و الله يتمتّعون و يتلذذون بالمناصب و بالأموال و المآكل و المشارب و يذهب ضحيّة هذه الشعارات الفاسدة و هذا الصراخ المفتعل , يذهب ضحايا كثيرة من أبناء المسلمين بهذه الشعارات و النّداءات الفارغة , فعلى الأمّة أن ترجع إلى كتاب ربّها و سنّة نبيّها لتكون أمّة وسطا كما أخبر الله و كما وصف الله تبارك و تعالى , و لتكون خير أمّة أخرجت للنّاس و بهذه العودة و باستعادة هذه المكانة عند الله عزّ و جلّ تعود العزّة و الكرامة للأمّة ووالله لن تنفع هذه الشعارات هذه الأمّة أبدا بل ما تزيدها إلاّ انحطاطا و دمارا و ذلاً و هوانا .
ألا فليدرك المسلمون مصدر عزّهم و مصدر هلاكهم فيجتنبوا مصادر الهلاك و منها هذا الغلوّ و كثير من هذا الغلوّ مفتعل و الله أعلم و مصطنع , و تعرف مصدر عزّها فتهرع إليه و تعظّ عليه بالنّواجذ و تربّي أنفسها و أجيالها عليه ليحقق الله لهم ما حقّقه لأسلافهم الكرام .
أسأل الله أن يهيئ لهذه الأمّة دعاة صادقين مخلصين يعودون بهم إلى مصدر عزّتهم وكرامتهم وسعادتهم ,كتاب الله و سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي فيه كلّ الكمال و منه التّوسط والاعتدال . أسأل الله أن يحقق ذلك
و صلّى الله على نبيّنا محمد
و على آله و صحبه و سلم .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. قام بتفريغ مادَّة هذا الشريط وعرضه على الشيخ ربيع السنَّة مراجعاً له
يوم 14/4/1426هـ :
فواز الجزائري - غفر الله له -
و النصارى كذلك غلوا في عيسى و عبدوه وقالوا إنّه ابن الله و ثالث ثلاثة و قالوا فيه هو الله , و بيّن الله تبارك و تعالى أنّ عيسى عبد من عباد الله و أنّه رسول و أمّه صدّيقة كانا يأكلان الطعام , بيّنه الإسلام غاية البيان , و العقول تدرك هذا و تدرك ما وقع فيه النصارى من السّخف و الضلال , و لهذا سمّاهم الله تبارك تعالى الضّالين , وعلّمنا الاستعاذة من هذه الصفة , صفة الضلال في كلّ صلاة نصليها ) اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضاّلين( المغضوب عليهم هم اليهود لأنّهم يعلمون الحقّ و يجحدونه ويعاندون فيه ( والضّالين ) النّصارى . و الدّافع لهذا الضلال هو الغلوّ الموجب لغضب الله تعالى و لعناته هو الغلوّ و الجفاء فالغلوّ والجفاء من الصفات الذميمة , و الاعتدال هو الصفة المحمودة عند الله عزّ و جلّ وهو من صفات هذه الشّريعة التي جاء بها محمد r , و لقد حصل هذا الغلوّ في هذه الأمّة رغم أنّ القرآن حذّر من ذلك و السنّة حذّر فيها رسول الله r من الغلوّ , قال الله تعالى : ) يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلاّ الحقّ ( و هذا نداء لأهل الكتاب وهو يتناول المسلمين , فإذا كان ينهى أهل الكتاب عن الغلوّ فهذه الأمّة من باب أولى ) ولا تقولوا على الله إلاّ الحقّ ( لأنّ الغلوّ ضدّ الحقّ و المؤمن المعتدل يقول الحقّ فلا يغلوا ولا يجفو .
وقال r : ( إيّاكم و الغلوّ فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ ) فحذّر الرّسول r من الغلو أشدّ التّحذير , حتّى إنّه في حجّة الوداع في رجوعه من عرفات إلى مزدلفة طلب من الفضل أن يناوله حصيات ليرمي بها الجمرة فالتُقِطت له الحصيات فرفع واحدة منها و قال : ( بمثل هذه فارموا و إيّاكم و الغلوّ فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ ) حتّى الحصاة هذه لابدّ أن تعتدل فيها وتتبع فيها محمدا r فلا تتقدّم بين يديه في شيء فتزيد أو تنقص , النقص جفاء والزيادة غلوّ .
القرآن يربّي على الاعتدال و السنة كذلك و سيرة الرسول rتربّي على ذلك وكذا سيرة السلف الصالح , و لكنّه دبّ إلى الفرق الضّالة داء الأمم الهالكة ووقع في مراتع الغلوّ , أناس مفرّطون و أناس مُفْرِطون .
و المنهج السّلفي من بين المناهج الموجودة هو المنهج الوسط المعتدل لمن فقهه حقّ الفقه , لا للأدعياء , فمن فقه هذا المنهج من كتاب الله و سنّة رسوله r ومن سيرته ومن سيرة السّلف الصالح يعرف أنّ المنهج السلفي هو دين الله الحقّ القائم على الاعتدال و القائم على الصراط المستقيم و القائد إلى الحقّ في عقيدته و منهجه و تربيته و دعوته , بينما تجد في المناهج الأخرى التّأرجح بين الإفراط و التّفريط , المنهج السّلفي وسط في هذه الفرق كوسطية الإسلام بين الأديان و الملل السّابقة .
فأهل السنّة و الجماعة في عقيدتهم وسط في عدد من المناهج , فهم وسط بين الجهميّة المعطلة و المشبهة المنحرفة , المعطلة غلوا في التّنزيه فأدّاهم هذا الغلو ّإلى تعطيل صفات الله عزّ وجلّ , و المشبّهة غلوا في الإثبات فأدّاهم هذا الغلو إلى أن يشبهوا الله تعالى بخلقه في أسمائه وصفاته فتعالى الله عماّ يقول الظاّلمون علوّا كبيرا .
و توسط أهل السنة و الجماعة في هذا الباب بين المعطلة و المشبهة فأثبتوا صفات الله تعالى , صفات جلاله و نعوت كماله , أثبتوها من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف و لا تعطيل , تو سّطوا بين الطّائفتين المنحرفتين , إثبات بلا تعطيل , ننـزه الله تعالى عن المشابهة و ننزهه تبارك وتعالى عن التّعطيل فلا نشابه المعطلة فنغلوا في التنزيه حتّى يُخرِج هذا الغلوّ من وقع فيه إلى التّعطيل , و لا نشارك المشبهة في الغلوّ في الإثبات حتّى لا يخرجنا ذلك إلى التّشبيه .
وهم وسط في باب الأفعال بين الجبرية و القدريّة , الجبريّة ترى أنّ العباد مسلوبيّ الإرادة و القدرة و حركاتهم اضطراريّة كحركة أوراق الشجر تحركها الرّياح , و كحركة الجمادات المسخّرة لا اختيار لهم و لا قدرة ولا إرادة - و العياذ بالله - .
و القدريّة يرون أنّ العبد مستقّل بمشيئته و إرادته يفعل ما يشاء و لا ارتباط بين إرادته و فعله و مشيئته و بين مشيئة الله و إرادته و تقديره للأشياء , و هدى الله أهل السنّة فتوسّطوا بين هاتين الطّائفتين , أثبتوا للعبد أفعالا و قدرة وإرادة و اختيارا لكنّها تابعة لمشيئة الله تبارك و تعالى , فالعبد عنده عقل وكلّفه الله تبارك وتعالى لوجود هذا العقل و منحه القدرة و الاختيار , و أعطاه التّمييز بين الحقّ و الضلال و الحقّ و الباطل و أعطاه قدرة و اختيارا و إرادة و كلّ ذلك مربوط بمشيئة الله تعالى , و العبد فعّال , هو المصلّي , هو المزكّي , هو الصّائم , و هو الزّاني , و هو السّارق , وهو...الخ .
هذه أفعاله فعلها باختياره و إرادته و قدرته ومع ذلك هي مربوطة بمشيئة الله عزّ وجلّ فالله خالق للعبد وأفعاله والعبد فاعل فعلاً حقيقياً ينسب إليه , أتاه بقدرته و إرادته و اختياره و ليس مجبورا على ذلك كما تقول الجبريّة - بارك الله فيكم - .
وهم وسط في باب الوعد و الوعيد بين المرجئة و بين الخوارج و المعتزلة , فالخوارج و المعتزلة يتعلقون بنصوص الوعيد , و المرجئة يتعلّقون بنصوص الوعد , و أهل السنّة وسط بين الطّائفتين , يؤمنون بنصوص الوعيد وأنّها تلحق بمشيئة الله العصاة , فالزّاني و السّارق و القاتل معرّض للوعيد , و عند المرجئة تعلّقٌ بنصوص الوعد و إهمال لنصوص الوعيد فأهل الذنوب عندهم مؤمنون كاملوا الإيمان , لا تُنقِص المعاصي من إيمانهم شيئا و غلاتهم يرون أنّه لا يضرّ مع الإيمان ذنب , فإذا لقي الله موحِّداً غير مشرك فلا عقوبة عليه و لا تنطبق عليه نصوص الوعيد وهو مؤمن كامل الإيمان و لو كان من أفجر النّاس و أفسقهم إيمانه مثل إيمان جبريل و محمد عليهما الصلاة و السلام , اشتطّوا و غلوا في التّعلق بنصوص الوعد و اشتطّ الخوارج في التعلق بنصوص الوعيد , فكفّروا العصاة و حكموا عليهم بالخلود في النّار , و غلاة المرجئة قالوا بنجاة الموحدّين و لا عقاب عليه و لا عذاب و هم مؤمنون كاملوا الإيمان .
و أهل السنّة توسّطوا فقالوا : إنّ الذنوب لا تخرج بأصحابها من الإيمان إلى الكفر كما يقول الخوارج وكما يقول المعتزلة يخرج من دائرة الإيمان إلى منزلة بين المنزلتين ثمّ يلتقي الخوارج و المعتزلة في الحكم على المصرّين على الكبائر , الذين ماتوا مصرّين على الكبائر أنّهم خالدون مخلّدون في النّار .
و قال أهل السنّة : إنّ هؤلاء الذين ماتوا وهم مصرين على المعاصي هم فسّاق و ناقصوا الإيمان , نقول مؤمن ناقص الإيمان و نقول مؤمن فاسق , ولا نقول كافر و نقول إنّه معرّض للعقوبة إن لم تتداركه رحمة الله عزّ و جلّ لأنّ من مات وهو غير مشرك فهو تحت مشيئة الله ) إنّ الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( إلى نصوص أخرى و أحاديث تبيّن أنّ العصاة يخرجون من النّار , يعذّبون , يعذّب الله من شاء منهم ثمّ يخرجهم الله بشفاعة الشفعاء , شفاعة محمد صلى الله عليه و سلم و شفاعة غيره من الأنبياء و المرسلين و شفاعة الملائكة و شفاعة المؤمنين , ثمّ يبقى منهم من يخرجه الله تبارك وتعالى بفضل رحمته عزّ و جلّ .
من الغلوّ الذي ابتلي به المسلمون غلوّ الخوارج , الذي بدأ من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأبه ذو الخويصرة الذي انطلق - و الله أعلم - من فكرة المساواة التي يدندن بها الديمقراطيّون , الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين قسّم الغنائم و فضّل بعض الزعماء لمصلحة عظيمة , فضّلهم في العطاء , أعطى لهذا مائة من الإبل و أعطى لهذا مائة من الإبل و... و.... ولم يعط الآخرين مثلهم لمصلحة الإسلام , لأنّه لمّا يعطي هذا الزعيم يطمئن إلى الإسلام فيؤمن و يستقر على الإسلام فتتبعه عشيرته و قبيلته , الرّسول بعيد النّظر , و هو أعدل النّاس - عليه الصلاة و السلام - .
قسّم هذه القسمة و فضّل فيها فقال ذو الخويصرة : و الله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله أو ما عُدل فيها , فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- و قال : ( من يعدل إذا لم أعدل , خبت و خسرت إن لم أعدل ) و استأذنه عمر في قتله , فقال : ( لا إنّه يصلّي ) ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم و قراءتكم إلى قراءتهم و صيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرمية ) .
غلوّهم في الدّين و غلوّهم في طلب المساواة أوقعهم في هذا الهلاك الذي أهلكوا به أنفسهم وأهلكوا به الأمّة و خرج من ضئضئه قوم كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام , و قاتلوا عليّا و الصحابة , لا حكم إلاّ لله , غلوا في الحاكمية و جهلوا معنى الحاكمية و خرجوا على عليّ رضي الله عنه , و أرسل عبد الله بن عباس يناظرهم فناظرهم , فرجع منهم الكثير و الباقون ثبتوا على غلوّهم في الدّين و في الحاكمية التي جهلوها فسفكوا الدّماء فاضطرّ عليّ إلى قتالهم فاستأصل شأفتهم و بقي منهم من بقي و توارثوا هذا الغلوّ إلى يومنا هذا , غلوٌّ في السياسة , غلوٌّ في الحاكمية و إهمالٌ للعقيدة و إهمال للمنهج و إهمال لجوانب عظيمة , فانتبهوا لهذا .
ومن آثار و بقايا هؤلاء الغلاة ما يعيشه المسلمون الآن من خراب و دمار في مشارق الأرض و مغاربها , و منابع هذا الغلوّ في التّكفير و التدمير و التّفجير , من أهمّ منابعه التي يغالط أتباعه فيها هذه الأمّة و يبحثون عن أسباب بعيدة كلّ البعد عن منابع الفساد الحقيقية و هي التراث القطبي الذي ورّثه السيّد قطب في كتابه الظلال المشحون بالتّكفير تكفير الأمّة , و المشحون بضلالات خطيرة جدّا كالحلول و وحدة الوجود و تعطيل الصفات و ما شاكل ذلك , و في كتابه * المعالم * المشحون بالتّكفير و شحن الشباب , هذا الغلوّ أهلك الأمّة في الجزائر و في أفغانستان و في البلاد العربيّة و الإسلاميّة و تعاني الأمّة الآن منهم من الهلاك ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ و جلّ , فعلى الأمّة أن تعرف هذه المنابع لهذا الدّاء العضال , ألا و هي كتب سيّد قطب و الكتب التي تفرّعت عنها مثل كتب صلاح الصّاوي و كتب أبو بصير و حركات أبي حمزة و أسامة بن لادن و أمثالهم , هؤلاء المخربون الخوارج إنّما تربّوا على كتب سيّد قطب و لا تنسوا أيمن الظواهري و جماعة الجهاد والتكفير , هؤلاء أوقعهم في هذا البلاء كتب سيّد قطب المشحونة بالغلوّ في التّكفير , فهو يكفر حتى بالجزئية , لو أطاع إنسان غيره في جزئية فقد ارتّد عن الإسلام , وهذا و الله أشدّ من تكفير الخوارج الأوّلين , و يتربون على هذه الكتب و صاحبها إمام مقدّس و لو طعن في الأنبياء و لو طعن في الصحابة الكرام و لو دمّر أصول الإسلام و عقائده , حلول ووحدة وجود , تعطيل الصفات , هذه لا تضر و لا تنال من قداسة هذا الرجل شيئا و لا تحطّ من كرامة هذه الكتب مع الأسف الشديد , مالذي جعل كثيراً من النّاس ينزلون سيّد قطب هذه المنزلة و هو في حضيض الضلال و ينزلون كتبه هذه المنزلة و هي من كتب الضلال و الدمار , مالذي جعل كثيرا من شباب الأمّة , يعني يقعون في هذه المهالك و يوقعون فيها الأمّة ؟ ما منشأ ذلك إلاّ الغلوّ المناهض لمنهج محمد صلى الله عليه و سلم و شريعته , المناهض لعقائد القرآن و أحكامه و عقائد السنّة و أحكامها و عقائد الصحابة و السلف الصالح , ومع الأسف الشديد هذا الصنف من النّاس يرى نفسه أنّه هو المسلم و لهذا ترى في مواقعهم أنا المسلم و تسمع من كلماتهم : إلى الجحيم خالدا فيها مخلدا يا ابن عثيميين, و ترى فيها التّكفير و ترى فيها الطعن للمعتدلين الثابتين على منهج الإسلام , منهج الرّسول صلى الله عليه وسلم و منهج القرآن الكريم , فعلى شباب الأمّة في مشارق الأرض و مغاربها أن يتّجه إلى كتاب الله و سنّة نبيّه r اللذان تربّى عليهما خير أمّة أخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يؤمنون بالله و أسعدَ الله بهم أمما فأنقذ الله بهم و بما جاءوا به أمما من الضلال و الكفر و الشّرك و أنقذهم الله بهذه الرّسالة أمما و شعوبا من النّار , و قد كانوا على شفا حفرة من النّار فأنقذهم منها تبارك و تعالى بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم و بما نشره صحابته الكرام من تعاليم و عقائد و أخلاق منبثقة من كتاب الله و سنّة رسوله - صلى الله عليه و سلم - فتبوءوا القمم العالية من العزّة و الكرامة , لأنّهم أمّة وسط و لأنّهم خير أمّة أخرجت للنّاس , و ترى ما يلحق النّاس من الغلوّ إلاّ الهلاك و الدّمار فهذه النّوعيات الغالية لا يزيدون الأمّة إلاّ هلاكا و دمارا و خزيا و عارا .
منذ نشأ الإخوان المسلمون و هم يقولون جهاد , جهاد , الدولة الإسلامية , الخلافة الإسلامية , و المسلمون في انحطاط على أيديهم و في تقهقر إلى الوراء و الوراء على أيديهم , مع الأسف الشّديد و هم يزعمون أنّهم دعاة الإسلام و المجاهدون باسم الإسلام ومع الأسف الشّديد لا يزيدون الأمّة إلاّ هلاكا , و يقدمون شباب الأمّة هدايا على أطباق من الذهب كما يقال للأمريكان و للرّوس يذبحونهم كما يذبحون الفراريج و الدّجاج , يقدّمونهم هكذا لا عدّة من عقيدة و لا عدّة من مادّة و سلاح .
الله تبارك و تعالى شرع الجهاد في هذه الأمّة إذا كانت أمّة حقّا مؤهلة للجهاد بعقيدتها و برجالها و بأخلاقها و بعدّتها المادية و العسكرية فهؤلاء لا عقيدة صحيحة و لا منهج صحيح و لا عدّة مادية , الجهاد , الجهاد , أهلكوا الأمّة و هم و الله يتمتّعون و يتلذذون بالمناصب و بالأموال و المآكل و المشارب و يذهب ضحيّة هذه الشعارات الفاسدة و هذا الصراخ المفتعل , يذهب ضحايا كثيرة من أبناء المسلمين بهذه الشعارات و النّداءات الفارغة , فعلى الأمّة أن ترجع إلى كتاب ربّها و سنّة نبيّها لتكون أمّة وسطا كما أخبر الله و كما وصف الله تبارك و تعالى , و لتكون خير أمّة أخرجت للنّاس و بهذه العودة و باستعادة هذه المكانة عند الله عزّ و جلّ تعود العزّة و الكرامة للأمّة ووالله لن تنفع هذه الشعارات هذه الأمّة أبدا بل ما تزيدها إلاّ انحطاطا و دمارا و ذلاً و هوانا .
ألا فليدرك المسلمون مصدر عزّهم و مصدر هلاكهم فيجتنبوا مصادر الهلاك و منها هذا الغلوّ و كثير من هذا الغلوّ مفتعل و الله أعلم و مصطنع , و تعرف مصدر عزّها فتهرع إليه و تعظّ عليه بالنّواجذ و تربّي أنفسها و أجيالها عليه ليحقق الله لهم ما حقّقه لأسلافهم الكرام .
أسأل الله أن يهيئ لهذه الأمّة دعاة صادقين مخلصين يعودون بهم إلى مصدر عزّتهم وكرامتهم وسعادتهم ,كتاب الله و سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي فيه كلّ الكمال و منه التّوسط والاعتدال . أسأل الله أن يحقق ذلك
و صلّى الله على نبيّنا محمد
و على آله و صحبه و سلم .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. قام بتفريغ مادَّة هذا الشريط وعرضه على الشيخ ربيع السنَّة مراجعاً له
يوم 14/4/1426هـ :
فواز الجزائري - غفر الله له -
السبت مارس 31, 2012 9:36 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» قناة وصال الفارسية لدعوة شيعة ايران
السبت مارس 31, 2012 9:11 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» السلام عليكم هل من مرحب
السبت مارس 31, 2012 9:05 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» عرش أولاد عزوز ببوسعادة
السبت مارس 31, 2012 8:56 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» هذه هي بوسعادة ... بوابة الصحراء الجزائرية
السبت مارس 31, 2012 8:46 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» { من أقوال السلف المأثورة }
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:23 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:20 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» الطريق واحد، للشيخ: عبد المالك رمضاني الجزائري
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:19 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» جزء قد سمع ، تبارك ، عم "بالأَمَازِيغِيَّة"
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:18 pm من طرف عزوز أبو اميمة