الدرة المختصرة في محاسن الدّين الإسلاميّ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده , ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . من يهد الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد , فإن دين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الأديان وأفضلها , وأعلاها وأجلها , وقد حوى من المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما يشهد لله تعالى بالكمال المطلق وسعة العلم والحكمة , ويشهد لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله حقا , وأنه الصادق المصدوق , الذي لا ينطق عن الهوى { إن هو إلا وحي يوحى } [ سورة النجم : الآية 4 ] فهذا الدين الإسلامي أعظم برهان , وأجل شاهد لله بالتفرد بالكمال المطلق كله ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة والصدق . وغرضي من هذا التعليق إبداء ما وصل إليه علمي من بيان أصول محاسن هذا الدين العظيم ; فإني وإن كان علمي ومعرفتي تقصر كل القصور عن إبداء بعض ما احتوى عليه هذا الدين من الجلال والجمال والكمال , وعبارتي تضعف عن شرحه على وجه الإجمال , فضلا عن التفصيل في المقال , وكان ما لا يدرك جميعه ولا يوصل إلى غايته ومعظمه , فلا ينبغي أن يترك منه ما يعرفه الإنسان لعجزه عما لا يعرفه , فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها { فاتقوا الله ما استطعتم } [ سورة التغابن : الآية 16 ] وذلك أن في معرفة هذا العلم فوائد متعددة : منها : أن الاشتغال في هذا الموضوع الذي هو أشرف المواضيع وأجلها من أفضل الأعمال الصالحة . فمعرفته والبحث عنه والتفكير فيه وسلوك كل طريق يحصل إلى معرفته خير ما شغل العبد به نفسه , والوقت الذي تنفقه في ذلك هو الوقت الذي لك لا عليك . ومنها : أن معرفة النعم والتحدث بها قد أمر الله به ورسوله ; وهو من أكبر الأعمال الصالحة ; ولا شك أن البحث في هذا اعتراف وتحدث وتفكر في أجل نعمه , سبحانه , على عباده . وهو الدين الإسلامي الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه . فيكون هذا التحدث شكرا لله , واستدعاء للمزيد من هذه النعمة . ومنها : أن الناس يتفاوتون في الإيمان وكماله تفاوتا عظيما , وكلما كان العبد أعرف بهذا الدين وأشد تعظيما له وسرورا به وابتهاجا كان أكمل إيمانا وأصح يقينا . فإنه برهان على جميع أصول الإيمان وقواعده . ومنها : أن من أكبر الدعوة إلى دين الإسلام شرح ما احتوى عليه من المحاسن التي يقبلها ويتقبلها كل صاحب عقل وفطرة سليمة ; فلو تصدى للدعوة إلى هذا الدين رجال يشرحون حقائقه ويبينون للخلق مصالحه , لكان ذلك كافيا كفاية تامة في جذب الخلق إليه , لما يرون من موافقته للمصالح الدينية والدنيوية ; ولصلاح الظاهر والباطن من غير حاجة إلى التعرض لدفع شبه المعارضين والطعن في أديان المخالفين ; فإنه في نفسه يدفع كل شبهة تعارضه , لأنه حق مقرون بالبيان الواضح , والبراهين الموصلة إلى اليقين . فإذا كشف عن بعض حقائق هذا الدين صار أكبر داع إلى قبوله ورجحانه على غيره . واعلم أن محاسن الدين الإسلامي عامة في جميع مسائله ودلائله , وفي أصوله وفروعه , وفيما دل عليه من علوم الشرع والأحكام , وما دل عليه من علوم الكون والاجتماع . وليس القصد هنا استيعاب ذلك وتتبعه , فإنه يستدعي بسطا كثيرا . وإنما الغرض ذكر أمثلة نافعة يستدل بها على سواها , وينفتح بها الباب لمن أراد الدخول ; وهي أمثلة منتشرة في الأصول والفروع والعبادات والمعاملات . فنقول , مستعينين بالله , راجين منه أن يهدينا ويعلمنا , ويفتح لنا من خزائن جوده وكرمه ما تصلح به أحوالنا وتستقيم به أقوالنا وأفعالنا
دين الإسلام مبني على أصول الإيمان المذكورة في قوله تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } [ سورة البقرة : الآية 136 ] فهذه الأصول العظيمة التي أمر الله عباده بها هي الأصول التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون , وهي محتوية على أجل المعارف والاعتقادات , من الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه على ألسنة رسله , وعلى بذل الجهد في سلوك مرضاته . فدين أصله الإيمان بالله وثمرته السعي في كل ما يحبه ويرضاه وإخلاص ذلك لله , هل يتصور أن يكون دين أحسن منه وأجل وأفضل ؟ ودين أمر بالإيمان بكل ما أوتيه الأنبياء , والتصديق برسالاتهم , والاعتراف بالحق الذي جاءوا به من عند ربهم , وعدم التفريق بينهم , وأنهم كلهم رسل الله الصادقون , وأمناؤه المخلصون , يستحيل أن يتوجه إليه أي اعتراض وقدح . فهو يأمر بكل حق , ويعترف بكل صدق , ويقرر الحقائق الدينية المستندة إلى وحي الله لرسله , ويجري مع الحقائق العقلية الفطرية النافعة , ولا يرد حقا بوجه من الوجوه , ولا يصدق بكذب ولا يروج عليه الباطل فهو مهيمن على سائر الأديان : يأمر بمحاسن الأعمال ومكارم الأخلاق ومصالح العباد ; ويحث على العدل والفضل والرحمة والخير , ويزجر عن الظلم والبغي ومساوئ الأخلاق . . ما من خصلة كمال قررها الأنبياء والمرسلون إلا وقررها وأثبتها , وما من مصلحة دينية ودنيوية دعت إليها الشرائع إلا حث عليها , ولا مفسدة إلا نهى عنها وأمر بمجانبتها . والمقصود : أن عقائد هذا الدين هي التي تزكو بها القلوب , وتصلح الأرواح , وتتأصل بها مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال .
تأليف العلامة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده , ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . من يهد الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد , فإن دين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الأديان وأفضلها , وأعلاها وأجلها , وقد حوى من المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما يشهد لله تعالى بالكمال المطلق وسعة العلم والحكمة , ويشهد لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله حقا , وأنه الصادق المصدوق , الذي لا ينطق عن الهوى { إن هو إلا وحي يوحى } [ سورة النجم : الآية 4 ] فهذا الدين الإسلامي أعظم برهان , وأجل شاهد لله بالتفرد بالكمال المطلق كله ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة والصدق . وغرضي من هذا التعليق إبداء ما وصل إليه علمي من بيان أصول محاسن هذا الدين العظيم ; فإني وإن كان علمي ومعرفتي تقصر كل القصور عن إبداء بعض ما احتوى عليه هذا الدين من الجلال والجمال والكمال , وعبارتي تضعف عن شرحه على وجه الإجمال , فضلا عن التفصيل في المقال , وكان ما لا يدرك جميعه ولا يوصل إلى غايته ومعظمه , فلا ينبغي أن يترك منه ما يعرفه الإنسان لعجزه عما لا يعرفه , فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها { فاتقوا الله ما استطعتم } [ سورة التغابن : الآية 16 ] وذلك أن في معرفة هذا العلم فوائد متعددة : منها : أن الاشتغال في هذا الموضوع الذي هو أشرف المواضيع وأجلها من أفضل الأعمال الصالحة . فمعرفته والبحث عنه والتفكير فيه وسلوك كل طريق يحصل إلى معرفته خير ما شغل العبد به نفسه , والوقت الذي تنفقه في ذلك هو الوقت الذي لك لا عليك . ومنها : أن معرفة النعم والتحدث بها قد أمر الله به ورسوله ; وهو من أكبر الأعمال الصالحة ; ولا شك أن البحث في هذا اعتراف وتحدث وتفكر في أجل نعمه , سبحانه , على عباده . وهو الدين الإسلامي الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه . فيكون هذا التحدث شكرا لله , واستدعاء للمزيد من هذه النعمة . ومنها : أن الناس يتفاوتون في الإيمان وكماله تفاوتا عظيما , وكلما كان العبد أعرف بهذا الدين وأشد تعظيما له وسرورا به وابتهاجا كان أكمل إيمانا وأصح يقينا . فإنه برهان على جميع أصول الإيمان وقواعده . ومنها : أن من أكبر الدعوة إلى دين الإسلام شرح ما احتوى عليه من المحاسن التي يقبلها ويتقبلها كل صاحب عقل وفطرة سليمة ; فلو تصدى للدعوة إلى هذا الدين رجال يشرحون حقائقه ويبينون للخلق مصالحه , لكان ذلك كافيا كفاية تامة في جذب الخلق إليه , لما يرون من موافقته للمصالح الدينية والدنيوية ; ولصلاح الظاهر والباطن من غير حاجة إلى التعرض لدفع شبه المعارضين والطعن في أديان المخالفين ; فإنه في نفسه يدفع كل شبهة تعارضه , لأنه حق مقرون بالبيان الواضح , والبراهين الموصلة إلى اليقين . فإذا كشف عن بعض حقائق هذا الدين صار أكبر داع إلى قبوله ورجحانه على غيره . واعلم أن محاسن الدين الإسلامي عامة في جميع مسائله ودلائله , وفي أصوله وفروعه , وفيما دل عليه من علوم الشرع والأحكام , وما دل عليه من علوم الكون والاجتماع . وليس القصد هنا استيعاب ذلك وتتبعه , فإنه يستدعي بسطا كثيرا . وإنما الغرض ذكر أمثلة نافعة يستدل بها على سواها , وينفتح بها الباب لمن أراد الدخول ; وهي أمثلة منتشرة في الأصول والفروع والعبادات والمعاملات . فنقول , مستعينين بالله , راجين منه أن يهدينا ويعلمنا , ويفتح لنا من خزائن جوده وكرمه ما تصلح به أحوالنا وتستقيم به أقوالنا وأفعالنا
دين الإسلام مبني على أصول الإيمان المذكورة في قوله تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } [ سورة البقرة : الآية 136 ] فهذه الأصول العظيمة التي أمر الله عباده بها هي الأصول التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون , وهي محتوية على أجل المعارف والاعتقادات , من الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه على ألسنة رسله , وعلى بذل الجهد في سلوك مرضاته . فدين أصله الإيمان بالله وثمرته السعي في كل ما يحبه ويرضاه وإخلاص ذلك لله , هل يتصور أن يكون دين أحسن منه وأجل وأفضل ؟ ودين أمر بالإيمان بكل ما أوتيه الأنبياء , والتصديق برسالاتهم , والاعتراف بالحق الذي جاءوا به من عند ربهم , وعدم التفريق بينهم , وأنهم كلهم رسل الله الصادقون , وأمناؤه المخلصون , يستحيل أن يتوجه إليه أي اعتراض وقدح . فهو يأمر بكل حق , ويعترف بكل صدق , ويقرر الحقائق الدينية المستندة إلى وحي الله لرسله , ويجري مع الحقائق العقلية الفطرية النافعة , ولا يرد حقا بوجه من الوجوه , ولا يصدق بكذب ولا يروج عليه الباطل فهو مهيمن على سائر الأديان : يأمر بمحاسن الأعمال ومكارم الأخلاق ومصالح العباد ; ويحث على العدل والفضل والرحمة والخير , ويزجر عن الظلم والبغي ومساوئ الأخلاق . . ما من خصلة كمال قررها الأنبياء والمرسلون إلا وقررها وأثبتها , وما من مصلحة دينية ودنيوية دعت إليها الشرائع إلا حث عليها , ولا مفسدة إلا نهى عنها وأمر بمجانبتها . والمقصود : أن عقائد هذا الدين هي التي تزكو بها القلوب , وتصلح الأرواح , وتتأصل بها مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال .
السبت مارس 31, 2012 9:36 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» قناة وصال الفارسية لدعوة شيعة ايران
السبت مارس 31, 2012 9:11 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» السلام عليكم هل من مرحب
السبت مارس 31, 2012 9:05 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» عرش أولاد عزوز ببوسعادة
السبت مارس 31, 2012 8:56 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» هذه هي بوسعادة ... بوابة الصحراء الجزائرية
السبت مارس 31, 2012 8:46 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» { من أقوال السلف المأثورة }
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:23 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:20 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» الطريق واحد، للشيخ: عبد المالك رمضاني الجزائري
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:19 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» جزء قد سمع ، تبارك ، عم "بالأَمَازِيغِيَّة"
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:18 pm من طرف عزوز أبو اميمة