- من هم اهل السنة والجماعة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
اعلم رحمك الله وأرشدك للهدي السوي أن "المقصود بأهل السنة والجماعة: هم الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، ومن سلك سبيلهم، وسار على نهجهم، من أئمة الهدى، ومن اقتدى بهم من سائر الأمة أجمعين.
فيخرج بهذا المعنى كل طوائف المبتدعة وأهل الأهواء.
فالسنة هنا في مقابل البدعة، والجماعة هنا في مقابل الفرقة (1).
فعن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ]156، قال: "تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة" .(2)
والجدير بالذكر هنا أن نعرف أن العلماء يستعملون هذه العبارة لمعنيين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلفظ أهل السنة يراد به:
أ- من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة .(3)
2- وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول: "إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة" .(4)
ومقصودنا بعبارة (أهل السنة) هو المعنى الثاني الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، ذلك لأن لأهل السنة أصولهم التي اتفقوا عليها ونصوا عليها في كتب الاعتقاد المعروفة.
ولأهل السنة عدة مسميات منها: أهل الحديث، الفرقة الناجية، الجماعة، الطائفة المنصورة وغير ذلك.
ويمكن حصر قواعد منهج أهل السنة في النقاط التالية:
أولا: ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها.
ثانيا: التقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث. وذلك يتم بـ:
أ- الاجتهاد في تمييز صحيحه من سقيمه.
ب- الاجتهاد في الوقوف على معانيه وتفهمه .(5)
ثالثا: العمل بذلك والاستقامة عليه اعتقادا، وتفكيرا، وسلوكا، وقولا والبعد عن كل ما يخالفه ويناقضه.
رابعا: الدعوة إلى ذلك باللسان والبنان.
فمن التزم هذه القواعد في الاعتقاد، والعمل، فهو على نهج أهل السنة بإذن الله .(6)
وأهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتباع والعقل تبع، فالعقل المجرد ليس له إثبات شيء من العقائد والأحكام، وإنما المرجع في ذلك إلى القرآن والسنة.
ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء ولبطل الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء .(7)
والتقرير بأن النقل مقدم على العقل لا ينبغي أن يفهم منه أن أهل السنة ينكرون العقل والتوصل به إلى المعارف والتفكير به في خلق السموات والأرض وفي الآيات الكونية الكثيرة، فأهل السنة لا ينكرون استعمال العقل ولكنهم توسطوا في شأن العقل بين طائفتين ضلتا في هذا الباب هما: أهل الكلام: الذين يجعلون العقل وحده أصل علمهم ويفردونه ويجعلون الإيمان والقرآن تابعين له، والمعقولات عندهم هي الأصول الكلية الأولية المستغنية بنفسها عن الإيمان والقرآن، فجعلوا عقولهم هي التي تثبت وتنفي والسمع معروضا عليها، فإن وافقها قبل اعتضادا لا اعتمادا، وإن عارضها رد وطرح، وهذا من أعظم أسباب الضلال التي دخلت على الأمة.
وأهل التصوف: الذين يذمون العقل ويعيبونه، ويرون أن الأحوال العالية والمقامات الرفيعة، لا تحصل إلا مع عدمه ويقرون من الأمور بما يكذب صريح العقل.
ويمدحون الشكر والجنون والوله، وأمورا من المعارف والأحوال التي لا تكون إلا بزوال العقل والتمييز، كما يصدقون بأمور يعلم بالعقل الصريح بطلانها وكلا الطرفين مذموم.
وأما أهل السنة فيرون أن العقل شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال وبها يكمل العلم والعمل، ولكنه ليس مستقلا بذلك. فالعقل غريزة في النفس وقوة فيها، بمنزلة البصر التي في العين.
فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن، كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس أو النار.
وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن إدراكها.
وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورا حيوانية. فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة والرسل جاءت بما يعجز العقل عن إدراكه ولم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه. بيان وسطيتهم:
وقد توسط أهل السنة في كثير من مسائل الاعتقاد، منها ما يلي:
أ- في أسماء الله وصفاته: فإن مذهب السلف هو إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها، فتوسطوا بذلك يين المعطلة الذين نفوها فأبطلوا ما أثبته الله ورسوله، والمشبهة الذين خرجوا بها إلى ضرب من التشبيه والتكييف.
2- في أفعال الله "القدر": فإن مذهب السلف هو أنهم أثبتوا له فعلا ومشيئة وأثبتوا للعبد فعلا ومشيئة داخلة تحت مشيئة الله وقدرته، فتوسطوا بذلك بين الجبرية الذين أنكروا قدرة العبد ومشيئته، والقدرية الذين أنكروا قدرة الله في أفعال العباد.
3- في الإيمان: فإن مذهب السلف هو أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد وينقص، فتوسطوا بذلك بين المرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان والخوارج والمعتزلة الذين أنكروا زيادة الإيمان ونقصانه.
4- في وعيد الله "أي مرتكب الكبيرة": فإن مذهب السلف هو أن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بمعصيته، وهو مستحق للوعيد ولكنه تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه على قدر ذنبه ثم يخرجه من النار، وإن شاء غفر له وأدخله الجنة.
فهم بذلك توسطوا بين المفرطين من المرجئة الذين قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وبين الوعيدية (الخوارج والمعتزلة).
فالخوارج يقولون: هو كافر في الدنيا، والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، ويتفقون على أنه في الآخرة خالد مخلد في النار.
5- في أصحاب رسول الهد صلى الله عليه وسلم: فإن مذهب السلف هو الاعتراف بفضل الصحابة جميعا رضي الله عنهم وأرضاهم، وأنهم أكمل هذه الأمة إيمانا وإسلاما وعلما وحكمة، وأنهم عدول بتعديل الله لهم، ولكنهم لم يغلوا فيهم ولم يعتقدوا عصمتهم، بل قاموا بحقوقهم وأحبوهم لعظيم سابقتهم وحسن بلائهم في نصرة الإسلام وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم بذلك توسطوا بين الرافضة والخوارج.
فالرافضة - قبحهم الله - يسبون الصحابة ويلعنونهم وربما كفروهم أو كفروا بعضهم، والغالية منهم مع سبهم لكثير من الصحابة والخلفاء يغلون في علي رضي الله عنه أولاده ويعتقدون فيهم الإلهية .
والخوارج قابلوا هؤلاء الروافض فكفروا عليا ومعاوية ومن معهما من الصحابة وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم.(9)
والمقصود أن أهل السنة هم أعرف الناس بالحق، ولذلك فإن كل طائفة سوى أهل السنة والحديث المتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينفردون عن طائفة أهل السنة إلا بقول فاسد، ولا ينفردون بقول صحيح، وكل من كان عن السنة أبعد، كان انفراده بالأقوال والأفعال الباطلة أكثر.
فالسعيد من لزم السنة، والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
سئل فضيلة الشيخ بن عثمين رفع الله درجته في المهديين من هم أهل السنة والجماعة؟فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : أهل السنة والجماعة هم الذين تمسكوا بالسنة، واجتمعوا عليها، ولم يلتفتوا إلى سواها، لا في الأمور العلمية العقدية، ولا في الأمور العملية الحكمية، ولهذا سموا أهل السنة، لأنهم متمسكون بها، وسموا أهل الجماعة، لأنهم مجتمعون عليها .
وإذا تأملت أحوال أهل البدعة وجدتهم مختلفين فيما هم عليه من المنهج العقدي أو العملي، مما يدل على أنهم بعيدون عن السنة بقدر ما أحدثوا من البدعة(10) .
===================================
المراجع:
1-وسطية أهل السنة دون الفرق ص 92- 94، وكتاب لزوم الجماعة ص 276- 277
2- تفسير ابن كثير 1/ 390.
3-قال شيخ الإسلام: "ولا ريب أنهم (أي الرافضة) أبعد طوائف المبتدعة عن الكتاب والسنة، ولهذا كانوا هم المشهورين عند العامة بالمخالفة للسنة، فجمهور العامة لا تعرف ضد السني إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم أنا سني فإنما معناه لست رافضي". مجموع الفتاوى 3/ 356.
4- منهاج السنة 2/ 221 ط: جامعة الإمام محمد بن سعود.
5- بيان فضل علم السلف على الخلف لابن رجب (ص 150-152)، وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 1/9-10.
6- معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات ص 54.
7- انظر الحجة في بيان المحجة 1/ 321.
8-مجموع الفتاوى 3/ 338- 339 بتصرف.
9- انظر تفصيل هذه المسألة في كتاب "وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق" للدكتور/ محمد با كريم.
10 مجموع فتاوى و رسائل - المجلد الاول
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
اعلم رحمك الله وأرشدك للهدي السوي أن "المقصود بأهل السنة والجماعة: هم الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، ومن سلك سبيلهم، وسار على نهجهم، من أئمة الهدى، ومن اقتدى بهم من سائر الأمة أجمعين.
فيخرج بهذا المعنى كل طوائف المبتدعة وأهل الأهواء.
فالسنة هنا في مقابل البدعة، والجماعة هنا في مقابل الفرقة (1).
فعن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ]156، قال: "تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة" .(2)
والجدير بالذكر هنا أن نعرف أن العلماء يستعملون هذه العبارة لمعنيين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلفظ أهل السنة يراد به:
أ- من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة .(3)
2- وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول: "إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة" .(4)
ومقصودنا بعبارة (أهل السنة) هو المعنى الثاني الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، ذلك لأن لأهل السنة أصولهم التي اتفقوا عليها ونصوا عليها في كتب الاعتقاد المعروفة.
ولأهل السنة عدة مسميات منها: أهل الحديث، الفرقة الناجية، الجماعة، الطائفة المنصورة وغير ذلك.
ويمكن حصر قواعد منهج أهل السنة في النقاط التالية:
أولا: ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها.
ثانيا: التقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث. وذلك يتم بـ:
أ- الاجتهاد في تمييز صحيحه من سقيمه.
ب- الاجتهاد في الوقوف على معانيه وتفهمه .(5)
ثالثا: العمل بذلك والاستقامة عليه اعتقادا، وتفكيرا، وسلوكا، وقولا والبعد عن كل ما يخالفه ويناقضه.
رابعا: الدعوة إلى ذلك باللسان والبنان.
فمن التزم هذه القواعد في الاعتقاد، والعمل، فهو على نهج أهل السنة بإذن الله .(6)
وأهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتباع والعقل تبع، فالعقل المجرد ليس له إثبات شيء من العقائد والأحكام، وإنما المرجع في ذلك إلى القرآن والسنة.
ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء ولبطل الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء .(7)
والتقرير بأن النقل مقدم على العقل لا ينبغي أن يفهم منه أن أهل السنة ينكرون العقل والتوصل به إلى المعارف والتفكير به في خلق السموات والأرض وفي الآيات الكونية الكثيرة، فأهل السنة لا ينكرون استعمال العقل ولكنهم توسطوا في شأن العقل بين طائفتين ضلتا في هذا الباب هما: أهل الكلام: الذين يجعلون العقل وحده أصل علمهم ويفردونه ويجعلون الإيمان والقرآن تابعين له، والمعقولات عندهم هي الأصول الكلية الأولية المستغنية بنفسها عن الإيمان والقرآن، فجعلوا عقولهم هي التي تثبت وتنفي والسمع معروضا عليها، فإن وافقها قبل اعتضادا لا اعتمادا، وإن عارضها رد وطرح، وهذا من أعظم أسباب الضلال التي دخلت على الأمة.
وأهل التصوف: الذين يذمون العقل ويعيبونه، ويرون أن الأحوال العالية والمقامات الرفيعة، لا تحصل إلا مع عدمه ويقرون من الأمور بما يكذب صريح العقل.
ويمدحون الشكر والجنون والوله، وأمورا من المعارف والأحوال التي لا تكون إلا بزوال العقل والتمييز، كما يصدقون بأمور يعلم بالعقل الصريح بطلانها وكلا الطرفين مذموم.
وأما أهل السنة فيرون أن العقل شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال وبها يكمل العلم والعمل، ولكنه ليس مستقلا بذلك. فالعقل غريزة في النفس وقوة فيها، بمنزلة البصر التي في العين.
فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن، كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس أو النار.
وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن إدراكها.
وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورا حيوانية. فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة والرسل جاءت بما يعجز العقل عن إدراكه ولم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه. بيان وسطيتهم:
وقد توسط أهل السنة في كثير من مسائل الاعتقاد، منها ما يلي:
أ- في أسماء الله وصفاته: فإن مذهب السلف هو إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها، فتوسطوا بذلك يين المعطلة الذين نفوها فأبطلوا ما أثبته الله ورسوله، والمشبهة الذين خرجوا بها إلى ضرب من التشبيه والتكييف.
2- في أفعال الله "القدر": فإن مذهب السلف هو أنهم أثبتوا له فعلا ومشيئة وأثبتوا للعبد فعلا ومشيئة داخلة تحت مشيئة الله وقدرته، فتوسطوا بذلك بين الجبرية الذين أنكروا قدرة العبد ومشيئته، والقدرية الذين أنكروا قدرة الله في أفعال العباد.
3- في الإيمان: فإن مذهب السلف هو أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد وينقص، فتوسطوا بذلك بين المرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان والخوارج والمعتزلة الذين أنكروا زيادة الإيمان ونقصانه.
4- في وعيد الله "أي مرتكب الكبيرة": فإن مذهب السلف هو أن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بمعصيته، وهو مستحق للوعيد ولكنه تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه على قدر ذنبه ثم يخرجه من النار، وإن شاء غفر له وأدخله الجنة.
فهم بذلك توسطوا بين المفرطين من المرجئة الذين قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وبين الوعيدية (الخوارج والمعتزلة).
فالخوارج يقولون: هو كافر في الدنيا، والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، ويتفقون على أنه في الآخرة خالد مخلد في النار.
5- في أصحاب رسول الهد صلى الله عليه وسلم: فإن مذهب السلف هو الاعتراف بفضل الصحابة جميعا رضي الله عنهم وأرضاهم، وأنهم أكمل هذه الأمة إيمانا وإسلاما وعلما وحكمة، وأنهم عدول بتعديل الله لهم، ولكنهم لم يغلوا فيهم ولم يعتقدوا عصمتهم، بل قاموا بحقوقهم وأحبوهم لعظيم سابقتهم وحسن بلائهم في نصرة الإسلام وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم بذلك توسطوا بين الرافضة والخوارج.
فالرافضة - قبحهم الله - يسبون الصحابة ويلعنونهم وربما كفروهم أو كفروا بعضهم، والغالية منهم مع سبهم لكثير من الصحابة والخلفاء يغلون في علي رضي الله عنه أولاده ويعتقدون فيهم الإلهية .
والخوارج قابلوا هؤلاء الروافض فكفروا عليا ومعاوية ومن معهما من الصحابة وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم.(9)
والمقصود أن أهل السنة هم أعرف الناس بالحق، ولذلك فإن كل طائفة سوى أهل السنة والحديث المتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينفردون عن طائفة أهل السنة إلا بقول فاسد، ولا ينفردون بقول صحيح، وكل من كان عن السنة أبعد، كان انفراده بالأقوال والأفعال الباطلة أكثر.
فالسعيد من لزم السنة، والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
سئل فضيلة الشيخ بن عثمين رفع الله درجته في المهديين من هم أهل السنة والجماعة؟فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : أهل السنة والجماعة هم الذين تمسكوا بالسنة، واجتمعوا عليها، ولم يلتفتوا إلى سواها، لا في الأمور العلمية العقدية، ولا في الأمور العملية الحكمية، ولهذا سموا أهل السنة، لأنهم متمسكون بها، وسموا أهل الجماعة، لأنهم مجتمعون عليها .
وإذا تأملت أحوال أهل البدعة وجدتهم مختلفين فيما هم عليه من المنهج العقدي أو العملي، مما يدل على أنهم بعيدون عن السنة بقدر ما أحدثوا من البدعة(10) .
===================================
المراجع:
1-وسطية أهل السنة دون الفرق ص 92- 94، وكتاب لزوم الجماعة ص 276- 277
2- تفسير ابن كثير 1/ 390.
3-قال شيخ الإسلام: "ولا ريب أنهم (أي الرافضة) أبعد طوائف المبتدعة عن الكتاب والسنة، ولهذا كانوا هم المشهورين عند العامة بالمخالفة للسنة، فجمهور العامة لا تعرف ضد السني إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم أنا سني فإنما معناه لست رافضي". مجموع الفتاوى 3/ 356.
4- منهاج السنة 2/ 221 ط: جامعة الإمام محمد بن سعود.
5- بيان فضل علم السلف على الخلف لابن رجب (ص 150-152)، وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 1/9-10.
6- معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات ص 54.
7- انظر الحجة في بيان المحجة 1/ 321.
8-مجموع الفتاوى 3/ 338- 339 بتصرف.
9- انظر تفصيل هذه المسألة في كتاب "وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق" للدكتور/ محمد با كريم.
10 مجموع فتاوى و رسائل - المجلد الاول
السبت مارس 31, 2012 9:36 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» قناة وصال الفارسية لدعوة شيعة ايران
السبت مارس 31, 2012 9:11 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» السلام عليكم هل من مرحب
السبت مارس 31, 2012 9:05 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» عرش أولاد عزوز ببوسعادة
السبت مارس 31, 2012 8:56 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» هذه هي بوسعادة ... بوابة الصحراء الجزائرية
السبت مارس 31, 2012 8:46 pm من طرف بلعباس البوسعادي
» { من أقوال السلف المأثورة }
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:23 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:20 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» الطريق واحد، للشيخ: عبد المالك رمضاني الجزائري
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:19 pm من طرف عزوز أبو اميمة
» جزء قد سمع ، تبارك ، عم "بالأَمَازِيغِيَّة"
الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 4:18 pm من طرف عزوز أبو اميمة